في حُب الذات

 لطالما كنت ذاك الشخص الذي يطلب رضا الآخرين عنه، أفعل الأشياء لهم باطنًا وظاهرها يبدو لي، لطالما استقيت سعادتي من دوري الفعّال في حياة من حولي عائلتي أصدقائي، لم أكن يومًا شخص أناني، لكنني اليوم فعلت للمرة الأولى شيء من أجلي لا أفعله عادةً، غمرني فيها حب نفسي لا ذاتي، غمرني فيها حب النفس، أرض لم أطأها من قبل، غريبة علي لكن الشعور الذي يجتاحني وأنا فيها دافىء، شعور لطالما كان ينقصني كأنني وجدت كنز كان مخبأ في داخلي، لماذا لم أحاول البحث عنه من قبل؟ أو لعلني حاولت لكن لم أخذ حُبي على محمل الجد فما الذي سيأتي من حب النفس إلّا إيذاء الآخرين؟ أو هكذا كنت أعتقد، أما الآن أنا في أرض حبي لي وأرى أرض حب الآخرين في الجهة المقابلة، تهب على رياح الطمأنينة أنني لا أفعل شيء خاطىء وأنا أغمرني بحبي الذي لطالما كان محرمٌ علي، ألف ذراعي حولي وأضمني بأقوى ما أستطيع وأقول أنا آسف لي. أرى أرض حبي للآخرين في الجهة المقابلة، الآن أنا ببساطة أستطيع التنقل بينهما كما أشاء، أستظل بأشجار أرض حبي تارة وأشجار أرض حبي لهم تارة أخرى.

هو شعور حب، لا إعجاب بالنفس بل حبها فقط لا تكبر لا تجبر، هو الحب في أسمى أنواعه التقبل، الحنان العطف اللطف، أن تحنو عليك وتضع يدك على خدك وتغمض عينيك رغبة باستقاء حنانك منك، هو أن تجعل نفسك في أهمية الآخرين أن تفعل لأجلك ماتفعله لأجلهم، أن تكون السبب لفعل شيء ما جميل لك كما تفعل الأشياء لهم، أن تقرأ كتاب بكل حب لأنك أُعجبت به كما تقرأ الكتب لأجلهم، أن تذهب في مشوار لأنك تريد كما تذهب عندما يريدون، أن تكون أنت السبب الكافي لفعل شيء ما.

أن تختار، أن تكون في توازن لا إلى أقصى هذا ولا ذاك.

ثملة في هذه الدقائق التي وقعت فيها بحبي، لكن يجب أن لا أثمل فيها كل يوم فالحياة تتطلب صحو مستمر لأنتقل مني إليهم وإليهم مني باعتدال، فحب الذات بقدر ماهو جيد إلّا أنه عندما يتجاوز الحد يجرف كل العلاقات في طريقه فيهدمها يجب أن تعلم أن الحياة لا تستقيم في هيمانك في ذاتك، لأن لا أحد يستطيع احتمال الشخص الأناني الطافح بحب الذات، استقي حبك لذاتك مرة والإيثار ألف مرة، فالحياة أعمق عندما لا تدور حولنا، لكن لاتنسى نفسك مثلي، لا تنسى نفسك.