أرواحُنا قابلة للطعن
نحن البشر نتعرض لنوعين من الألم، ألم جسدي وألم معنوي، أيّ ألم الروح. نحن نتعلم في الصغر
كيف نتفادى اللعب بالسكاكين لخطرها على أجسادنا، لكن نادرًا ما نتعلم كيف نتفادى خطر الكلمات الذي
يحيط بنا في كل مرحلة من مراحل حياتنا - والذي بالمناسبة ليس خطأ أهلنا، لأنني أؤمن أن أهلنا قاموا بتعليمنا كل ما باستطاعتهم - أبعد من هذا، نحن نتعلم كيف نضمّد جراحنا ونوقف نزيف دماءنا،لكن ماذا عن نزيف الروح؟ كيف نوقف نزيف الروح؟ الذي يستنفد كل طاقتنا دون حتى أن ندرك، كيف نسكن الألم في أرواحنا كما نسكن ألم الجسد بالمورفين؟
يجب أن ندرك أن طاقاتنا تُهدر بدون وعي منا على جروح الروح، أن نقف وقفة حزم وننفض غبار الضعف عنّا ونواجه كل طعنة بالضغط عليها جيدا حتى يقف النزيف ومن ثم تطهيرها، وإغلاقها، مهما كان حجمها، سينتج عنها ندبة، صحيح، لكنها ندبة أتت ثمنًا للدرس الذي نتعلمه من جراء هذه الطعنة، يا هذا طعنتَ جسدي بكلمتك الحادة، لكنك لم تقتلني بها ولن تقتلني بها، وما لا يقتلك يجعلك أقوى كما يُقال دائمًا.
ولا تقعد كالضحية، متذمرًا أنّ لا أحد يراعيك بكلماته، لأنك لا تستطيع إلجام أفواه كل من تقابل، بل تعلم،
تعلم كيف تجعل مناعتك أقوى، وأقدر على تلقي اللكمات والطعنات، تعلم كيف تثب من على الأرض عندما يتم
دفعك قسرًا إليها، تثب وثبة بطل، بطل مستلقي لا يلبث قليلًا إلا وهو يقف ماسحًا الدم من على صفحات وجهه ويتنفس بصعوبه لكنه يقف، يقف لأن الحياة تحتاج إلى مجابهة، وكيف ستجابهها ملقى على الأرض ؟
صدقني الجرح لا يفعل بنا شيء سوى أن يزودنا بالمناعه المستقبلية إذا أحسنّا تضميده.
الحياة كلها قائمة على التعلم المستمر، نتعلم كيف نتخطى الخسارات، الفشل، الندم، اللكمات، والكلمات
الجارحة حتى وإن سقطت اليوم على الأرض وغدًا وبعدغد، سيأتي اليوم الذي تسقط فيه لكنك مستند بنفس
الوقت، لأننا بشر سنسقط دائمًا، لكن الذي سيصنع الفرق هو مدة سقوطك، ومدى سوءه.
إذا كنت سأشعر بالألم في كل مرة، إذا مالفائدة من تعلمي لتضميد الجراح؟
خضت ذات مرة نقاش مع بروفيسورة درستني في الجامعة، عن فائدة تعلم نقاط ضعفنا النفسية، وكيفية مواجهة أي ألم نفسي، لماذا نتعلم كل هذا ثم نعود مجددًا للسقوط بسرعة عند أول تحدي نفسي يواجهنا! ما فائدة التعلم إذا كنا سنسقط لا محالة؟
النتيجة المدهشة التي توصلت إليها أنا وكانت قد توصلت هي إليها بالفعل، أن العبرة ليست بالسقوط من عدمه، العبرة بسرعة التشافي، لأنك عندما تسلح عقلك بالأفكار الصحيحة تجاه أي ألم، تكون قد اتخذت أول خطوة بالفعل قبل حتى أن يتم إيذائك، والطريق سيكون ممهد، لأننا ولحسن حظنا قد سقطنا ألف مرة ولا يحتاج الطريق إلى جهد لتمهيده من جديد، لأن مرورك على نفس الطريق مرارًا وتكرارًا، الخطوة فوق الأخرى، سيجعله سهل المسير، اليوم تزيح هذا الحجر،وفي الغد تزيح هذه الشوكة، وبالنهاية، سيكون عبورك عليه أقصر من قبل، لماذا؟ لأنك أزلت كل العقبات ولم يبقى لك إلّا أن تعبر الطريق والذي يتمثل بالسقوط - الحزن، الألم، البكاء، الندم- ولكنه ضروري لتعود إلى حالتك الطبيعيه والتي تقبع في نهاية ذاك الطريق.
تسلّح بالإيمان القويّ تكن أقوى
تعلم كيف تجعل قوتك في مواجهة كل ألم نفسي مستمدة من إيمانك، ادعو الله أن يجعلك مؤمن قويّ لأن المؤمن القوي خيرٌ من المؤمن الضعيف، وادعو الله أن يُبعد عنك الإستسلام أمام هذه الآلام، استعن بالله على تضميد جراحك ولا تعجز، ادعو الله كثيرًا أن يزودك بالمناعة النفسية والإيمان القوي الذي يجعلك أقوى محارب على وجه الأرض.
تعليقات
إرسال تعليق