مواقع التواصل الاجتماعي والصورة الذاتية

 مواقع التواصل الاجتماعي والصورة الذاتية

كتب بواسطة: ربى

 

 

 

دائمًا أقول لمن حولي، في نهاية اليوم أكثر
شخص يجب أن تحافظ على صورتك أمامه
هو نفسك. لا تكذب حتى ولو صدّقك من أمامك
لأنك تعلم أنك كاذب وسترى نفسك شخص كاذب.
صورتك الذاتية مهمة جدًا، للسلام الداخلي، للاطمئنان
لأن تحب نفسك يجب أن تكون الشخص الذي تريد
أن تكونه أمامك عندما لا يوجد أحد بالغرفة إلّا أنت.
ليكون هناك تناغم بين صورتك الذاتية وحقيقة كينونتك.

من هنا سأدخل على صورتك الذاتية ومواقع التواصل
الاجتماعي. تُهذب نفسك وأسلوبك، تنتقي ما تشاركه مع
الناس وتحتفظ بصورة واحدة لك بأذهان متابعينك على
المواقع ولا تحيد عنها، لكنّك عندما ينتهي اليوم، وبعد
الكم الهائل من تعليقات الثناء في مواقع التواصل
تشعر بأن التعليقات لا تصل روحك كتعليقات الثناء
على جمال فتاة قد وضعت فلتر في سناب تشات
والفلتر لا يدل على مقدار الجمال في الواقع وكل محاولة
لتعزيز ثقة الفتاة في جمالها من هذه التعليقات
تبوء بالفشل لأنها تعليقات سطحية لا تعزز من
الصورة الذاتية أمام نفسها لاتقول أنها جميلة بل الفلتر
الذي وضعته جميل - لا شك أن الوجه يلعب دورًا
رئيسيًا لكن الفلتر يحسنه وبالتالي لا يكون حقيقة-.

هذا الثناء لا يعزز من صورتك الذاتيه لأنك
 تعلم أن ماتنشره في المواقع ليس أنت ببساطة،
وإنما جزء، أحيانًا جزء ضئيل جدًا من شخصك
بل وجزء محسن مئات المرات عن شخصيتك/حياتك
الحقيقية.

 
لن تصل إلى الاشباع الذاتي هكذا، ولو بعد مئات
السنوات الضوئية، لأنك تعلم - أنت وحدك- أن هذا
ليس أنت.


في حسابي على تويتر السابق، كنت أنشر أفضل
الأفضل، من صور من حكايات الحياة، من شخصيتي.
وأحيانًا حتى أُزوّر بعض الأشياء - بهارات منا منا -
وكانت تأتيني تعليقات رائعة، كم أنتِ محظوظة، هل
أنتِ آخر العنقود؟ لأنكِ مدللة - بالمناسبة ترتيبي
الرابعة بين أخوتي يعني بعيد جدًا عن آخر العنقود-
لكني وبدقة انتقائي لما أخبر به الناس في مواقع التواصل
ونوع الصور - والذي كان محدود- الذي أشاركه معهم.

في حسابي الحالي عاهدت نفسي ألّا أحاول تحسين
جودة حياتي أو شخصيتي أبدًا - بالطبع لن أشارك
الأسوء معكم مع أني أفعلها أحيانًا- لكني أصبحت أنا
بلا تحسين لا أنتظر أروع الأماكن حتى أشارك صورة، بل
أشارك صور عادية.
لم أعد أحاول أن أظهر للناس مقدار الدلال المزعوم
من قبل والديّ الذي كنت أظهره قديمًا، لم أعد
أحاول أن أضع صورة لحياتي أو لشخصي
غير حياتي وصورتي الحقيقة.
نعم لم أبدأ بفعل هذا إلّا بعد جهد جهيد
في تخفيض أهمية كونك ـ أعلى من متوسط الناس-
وأصبحت كما أنا من متوسط الناس بفضل الله
الذي أتمّ نعمته عليّ ورزقني الرضا، الرضا
بي وبحياتي.
 

 

والآن أصبحت نسخة واحدة ببُعد واحد، ويالها من
راحة كل ثناء في مواقع التواصل يصل لأعماق
روحي لأن هذه أنا حقًا بلا تصنع - ولوّ أن فينا
جوانب لا تظهر إلّا لو أردنا بعزم تشويه صورتنا
أمام المجتمع- لكني لا أزيفّ جوانبي الجيدة
أفعالي الجيدة جانب شخصيتي الجيد، وعدم
تزيفي لها يجعلني أقبل كل ثناء بلا حرج وبلا
فكرة " يثني على ما زيّفت أو لكن هذه ليست
أنا".
وتكونت الصورة المطابقة للواقع في
مواقع التواصل وأصبحت أشعر بنفسي
التي في الواقع حقًا تشارك جوانب حياتها
في مواقع التواصل الاجتماعي بلا تزييف
فأصبحت صورتي الذاتية مطابقة لصورتي
في مواقع التواصل الاجتماعي.

تعليقات

المشاركات الشائعة