أصبحنا لانعرف الحديث

 أصبحنا لانعرف الحديث

كتب بواسطة؛ ربى 

 

في زمننا هذا ومع سهولة حملنا للملهيات في
جيوبنا أصبحت قدرتنا على خلق الأحاديث
ضعيفه. كنت في اجتماع ليس ببعيد جلست
بمجلس ممتلىء بالأشخاص وكانوا صامتين
صمت رهيب لم أعهده من قبل في هذا المجلس
كان علي - لأنني أحد المضيفين- أن أخلق حديثًا
ما، لم أتوقع في يوم أن أكون أنا من يتحدث في مجلس
يحتوي على أشخاص من كل الأعمار وحتى جدّات
والكل ينصت لي أنا ثم أصمت ويصمت المجلس إلّا
من أسئلة بأجوبه قصيرة ثم أعود وأفتح حديث آخر
قائدة بذلك مجلس كامل.
لم أستطع أن أتخطى ماحدث منذ ذلك اليوم،
متى ماتت أحاديثنا المفعمة بالحياة، الأحاديث
التي كانت لا تنضب، متى أصبح الحديث عبء
 يُتهرب منه بتصفح الهاتف " لأن انشغالك بالهاتف
أسهل من خلق حديثٍ ما" الهاتف يُمسَك باليد أو يوضع
بجانب كوب القهوة لأنه أقرب مهرب تنشغل به عند توقف
 الحديث.

أعتقد أنّ الحل أن تبدأ بنفسك، أن تحاول ترك الهاتف قليلًا
معطيًا لأفكارك الحلوه أن تجول في رأسك ثم تمَلّ ثم تفكر في
شيء آخر غير " فتح هاتفك وتصفح البرنامج الفلاني"، أن
تمل فتخلق حديث مع أمك، أبيك أو أخيك، أن تجعل الملل سببا
لخلق الأحاديث مع الأحباب وليس عذرًا لتصفح جميع مواقع
التواصل الاجتماعي من على بكرة أبيها.

الملل، هو الذي يجعلنا نبتكر نبدع ونستمتع، أنا أعلم
أنّه عند الملل من السهل تصفح هاتفك عن تجربة طبخة
جديدة مثلًا، كلاهما يعطيان العقل الانشغال اللازم، لكن
تصفح هاتفك فعل لا يحتاج إلى أن يشترك فيه جميع
أجزاء جسدك، والعكس صحيح مع الطبخ، لذلك تؤثر
تصفح هاتفك عن الاستمتاع بتجربة أكلة جديدة.

الإبتعاد عن هاتفك يعطيك الفرص، الفرصة
لتعلم الأشياء الفرصة لتأمل السماء، يعطيك
الفرصة لرؤية ماهو قابع تمامًا أمام أنفك لكنك
تتجاهلة منذ أول عهد لك مع الهاتف. تجاهلنا
الكثير وأجلّنا أكثر حتى سلَب منا قدرتنا البشرية
على خلق الأحاديث المتواصلة التي لا تنضب التي
اعتدنا عليها. سلب منا قدرتنا على التعرف على
 بعضنا البعض بشكل أعمق بتركيز أعلى. كائنات
اجتماعية نحن لكننا نحتاج الاجتماعي الواقعي
أكثر من حاجتنا للاجتماع الافتراضي، حاجة تغذي
أرواحنا أجسادنا مشاعرنا وأعيننا، تسقينا كما
يسقي الماء النبات، ألسنا من تراب؟ والتراب يحتاج
إلى ماء ومالا يورى يموت. لنروي قدرتنا على خلق
الأحاديث المتواصلة التي لا تنضب بالابتعاد عن هواتفنا
قسرًا والجلوس بصمت مع من نحب إلى أن تنساب
الأحاديث بيننا كما كانت تنساب في وقت سابق.

تعليقات

المشاركات الشائعة