فهم المشاعر - مقال مترجم لمارك مانسون

 ترجمة ربى

 ما هي المشاعر و مالذي تفعله من أجلنا؟

الإحساس بشعور ما يشبه كونك طالب في الثانوية العامة،عندما تكون طالب ثانوية تدور الحياة كلها حول المدرسة والحياة الإجتماعية المدرسية، ولا يوجد شيء في حياتك أهم منها، لكن بمجرد انتهاء هذه المرحلة تجلس متأملًا؛ مالذي حدث؟

في السنوات الماضية انتقدت كثيرًا اعتمادنا المفرط على مشاعرنا، كتبت الكثير من المقالات عنها وشبّهت انصياع القارئ لنوبات الغضب بالكلب الذي يقضي حاجته على السجاد، لأنه شعر بأنه يريد فعل ذلك.( بالمناسبة أعتذر لكم عن ذلك).

لكن الحقيقة أن المشاعر مهمة حقًا، مهمة جدًا، لكنها ليست مهمة بالشكل الذي نتصوره. المشاعرة موجودة لهدف معين، هي الطريقة التي يستخدمها الدماغ للتعبير عما إذا كان ما يحدث لك في حياتك شيئًا جيدًا أم لا. لذلك مشاعرك هي عملية تقييم فقط.
مشاعرك هي عملية تقييم تخبرك ما إن كانت الأمور تسير بشكل جيد أم لا فقط. مالذي تفعله بهذا التقييم أمر مختلف تمامًا( وهو الأمر المهم جدًا كما سنرى).

المشاعر وسيلة وليست غاية، تساعدنا على تحقيق أهدافنا، على إيجاد معنى لحياتنا. الأمر الذي يلتبس على كثير من الناس هو أن المشاعر ليست هي الغاية في حد ذاتها، يخطئ أكثر الناس باعتقادهم أنها الهدف و أن مايهم حقًا هو مشاعرهم . لا ليس كذلك.

المشاعر أشياء تحدث فقط، تأتي ثم تذهب، ثم يأتي بعدها شعور آخر ثم يذهب كذلك. إذا بنيت حياتك على أساس مشاعرك سوف تصبح عبارة عن تقلبات للأعلى ثم للأسفل، وسوف تدور في حلقة مفرغة، لأنك سوف تناقض نفسك وتغير رأيك، وتنسى ما قلت وما فعلت، كل هذا في سبيل أن تحصل على الشعور الجيد التالي، وهذه ليست طريقة جيدة للعيش.

من أين تأتي المشاعر؟

 يستخدم دماغك طريقتان تعملان معًا لانتاج المشاعر، سنسميهما المحاسبة العاطفية وجبي الضرائب العاطفية.

الطريقة الأولى تحسب عدد أرباحك وخساراتك التي تمر فيها بالحياة. تخيل أن هناك ملف اكسل في دماغك يحسب كل شيء - فزت بمباراة كرة السلة اليوم تحت " ربح" تشاجرت مع صديقك على سبب تافه تحت " خسارة"، مشروب بارد قبل النوم لتقليل التوتر " ربح"- هذا الملف الداخلي يحتوي على سجل خساراتك و أرباحك في الحياة وهو المحاسب العاطفي.

عندما تربح شيئا ما في الحياة يخبرك محاسبك العاطفي بالأخبار الجيدة بأنك ربحت فتشعر بالحماس. وعندما تخسر شيئًا ما يأتيك المحاسب العاطفي يمشي الهويني ويرفع نظارته قليلًا أعلى أنفه وينبئك بالأخبار السيئة: لقد خسرت والآن اشعر باللوعة.

يعمل المحاسب العاطفي أربع وعشرين ساعة كل يوم من أيام الأسبوع ولا يتعب مطلقًا، ويعمل أيضًا بينما تنام ( نعم هل تتذكر ذاك الحلم الذي احترق فيه منزلكم وماتت أمك)  يعمل حتى وأنت في إجازة، حتى وأنت تقوم بممارسة العلاقة الحميمية، يقوم بحساب جميع الأرباح والخسائر في كل وقت.

وظيفة المحاسب العاطفي بسيطة جدًا، الأرباح يعني الشعور بالإثارة والخسائر يعني الشعور بالخوف، في المستوى الأساسي لدماغ الزواحف من هنا يبدأ كل شيء: الإثارة والخوف. لكن بالنسبة للإنسان يوجد عملية أخرى.

العملية الأخرى والتي تقوم بإنتاج المشاعر في دماغك أشبه ماتكون بنظام تقييم، يقوم بمتابعة الأرباح الخسائر في حياتك ويرى هل تستحقها أم لا ؟ وكأنه موظف جابي الضرائب يقوم بوضع ضرائب عاطفية عليك بناءًا على استحقاقك من عدمه لهذه الأرباح أو الخسائر، و سوف نسميه موظف جمع الضرائب.
إذا رأى جابي الضرائب بأنك تستحق ما حصلت عليه في الحياة سيسمح لك بالشعور بالإثارة والتي تؤدي بدورها إلى الشعور بالسعادة. لكن عندما يقرر جابي الضرائب بأنك لا تستحق شيئًا ما حصلت عليه يقوم عقابًا لك بفرض الضريبة العاطفية عليك ألا وهي تأنيب الضمير.

ويصبح أشد قبضة عليك حينما تخسر شيئًا ما في الحياة، إذا وجد أنك تستحق هذه الخسارة سوف يطالبك بضريبة الحزن. وعندما يرى أنك لا تستحق خسارتك لشيء ما، سوف يطالبك بتعويضه، وهذه المطالبة بالتعويض له تأتي بصورة غصب.

لم تفهم بعد؟ إليك جدول التالي: 



بالطبع هذه ليست كل المشاعر التي نشعر بها، فنحن لا نشعر فقط بمشاعر خاصة بنا! يراقب كلًا من المحاسب العاطفي و جابي الضرائب العاطفية جميع من حولنا ويسجلون جميع الخسارات والأرباح، فلدينا جميعًا أراءنا الخاصة عن أرباحهم وخسائرهم وما يستحقونه منها وما لا يستحقونه،  مثال:

الحب؛ هو شعور غير مشروط، بأن شخصًا ما ( بما في ذالك أنفسنا) يستحق أن يحصل على شيء ما في حياته.

الكره، هو شعور أيضًا غير مشروط، بأن شخصًا ما ( بما في ذلك أنفسنا) يجب أن يخسر شيئًا ما في حياته.


كيف تتحكم بمشاعرك بشكلٍ أفضل

 يقض علماء النفس كثيرًا من الوقت بتجميع عددًا من المشاعر ويناقشون أيًّا منها أفضل من الآخر، وإذا كنت تتسائل دائمًا ماذا يفعل علماء النفس طوال الوقت فلن تصدق أنهم "يقومون بنشر آلاف الصفحات عمّا إذا كان الندم يعتبر من المشاعر أم لا"
بغض النظر عن أنهم بشر ويتعرضون يوميًا لأنواع مختلفة من المشاعر لكن وحتى الآن لم يتفق علماء النفس مالذي يمكن وما لا يمكن اعتباره من المشاعر.
لأصل إلى الهدف الذي كتبت من أجله هذا المقال، سأذكر أهم وأبسط أنواع المشاعر، والتي يتفق الجميع على أنها مشاعر، لتتوقف عن كونك أُميٌ عاطفيًا.
سنغطي في هذا المقال مشاعر: السعادة، الحزن الغضب، الخوف، الخجل، والحب.

عندما نذكر هذه المشاعر يجب أن تعرف أننا جميعًا لدينا قدرات مختلفه بالتعامل مع كل واحد منها، يشبه كون أحدنا سباحًا ماهرًا بالفطرة مقارنةً بقدرته السيئة على الجري، أو كونه لاعب كرة سلة جيد مقارنة بقدرته على لعب التنيس، بعض الأشخاص لديهم القدرة على التحكم بالغضب لكنهم سيئين بالتعامل مع الحزن وبينما البعض لديه القدرة على أن يبقى سعيدًا والبعض الآخر لا يعرف كيفية التعامل مع شعور الخجل.

سوف أذكر لكم أنواعًا من المشاعر وأوضح معلومات أساسية عن كيفية التعامل مع كل شعور منها عندما يجتاحك.
ملاحظة هامة قبل أن نبدأ: نحن لا نحاول التخلص من المشاعر السيئة والحصول على مشاعر جيدة مكانها، لأن فعل هذا ليس فقط مهمة مستحيلة بل يعود علينا بنتيجة غير مرغوب فيها.

كل شعور موجود لسبب، ويفيدنا بشكل ما، دورنا - وطريقة الوصول إلى النضج العاطفي- هو فقط تعلم كيف تتعامل مع كل شعور لتستفيد منه. وهذا مهم جدًا خصوصًا مع المشاعر السلبية، لأنها ليست ممتعه لذلك يجب علينا أن نحصل على شيء مفيد منها على الأقل. ولكن الشيء الغريب هو أن الاستفادة من المشاعر الجيدة ليس سهلًا أيضًا. لذلك لنبدأ مع أشهر المشاعر: السعادة.


السعادة 

السعادة هي الترياق المقدس في التجربة الإنسانية ورغبة وشغف كل إنسان على وجه الأرض، كتبت الكثير عن السعادة في السنوات السابقة، و مع أنني أضعها في قائمة المشاعر هنا إلّا أنني أعتقد أننا نستطيع مناقشة كون السعادة بذاتها لا تعتبر من المشاعر، فالسعادة هي الحالة التي تحدث عندما يغيب كل شعور آخر لدى الإنسان،
أي أنها حالة الإنسان الطبيعية الأساسية - السعادة هي عدم الرغبة بالتغيير أو التدخل-. غالبًا أي شعور آخر غير السعادة - وخصوصًا المشاعر السلبية- تكون بسبب تغيير حدث في الماضي، أو تغيير نودّ حصوله بالمستقبل.
كما الغضب هو الرغبة بتصحيح خطأ ما، والحزن هو الرغبة بالرجوع بالزمن إلى ما قبل خسارة ما، وتأنيب الضمير هو الرغبة بمعاقبة الشخص نفسه، والحب هو رغبتنا لشخص ما بأن يزدهر. والخزي هو الرغبة بهروب الشخص من نفسه.

السعادة هي كونك موجود فقط ..

يتعب الناس في ملاحقة شعور"السعادة" لذلك لا يجدون الوقت اللازم لأن يكونوا سُعداء قط. فكر بها فقط لو أنك تريد تحقيق شيءٍ ما فأنت تريد أن تغيّر شيئًا ما، وإذا كنت تريد تغيير شيء ما فأنت بناءً على تعريف السعادة لست سعيدًا.
لذلك بدلًا من أن تحاول أن معرفة ماذا تعني السعادة؟، حاول النظر إليها بطريقة عملية أكثر كما فعلت أنا عن طريق تغيرر السؤال إلى مالذي يعنيه كونك " غير سعيد"؟

مثلًا، السعادة ليست هي المتعة، لأن المتعة هي الشعور الذي نلاحقة ونركز عليه لتخدير إحساسنا بالألم أو الملل أو خيبة الأمل، مع أنّ هذه المشاعر جزء من الحياة. إذا كنت تريد الشعور بالمتعة فاذهب وافعل شيئًا ما تستمتع بفعله ثم تعال وأخبرني هل أنت سعيد أم لا؟

وأيضًا السعادة لا تعني التفاؤل، فهي ليست حالة مقدسة من الروعة تقوم بتحقيقها عندما تقوم بمعرفة "الـ ٤٣ سببًا لتكون سعيدًا" أو أيًا كان. صحيح قد يكون هناك بعض القواعد التي تستطيع تطبيقها لتكون أكثر سعادة في حياتك لكن لا يوجد معادلة حقيقية ومجربة للحصول على السعادة. لن تكون سعيدًا لو فقط حصلت على تلك الترقية اللتي تتمناها، أو عندما تقابل شريك حياتك، أو عندما تسافر حول العالم وتزور البحار السبعة، أو عندما تنجب أبناءً،أو عندما تتقاعد .. إلخ. صحيح أن أيًا مما سبق قد يجعل احتمال شعورك بالسعادة أعلى، لكنها في ذاتها ليست هي السعادة. كل شخص يعتقد أن السعادة موجودة في الطريق الذي اختاره ويمكن تحقيقها فقط عند وصلولهم لمبتغاهم لكن الأبحاث توضّح مرارًا وكرارًا، أنّ السعادة لا تعتمد على الطريق الذي اخترنا أن نسلكه في الحياة، بل تعتمد على مقدار كوننا مسؤولين عن حياتنا بينما نسلك الطريق الذي اخترناه وصولًا إلى مبتغانا.

الحزن

معظم الناس يعتقدون أن الحزن يعني الفشل، ويعتقدون أن هناك خللًا ما بهم عندما يحزنون على أي سبب كان، لكن الحزن ببساطة هو طريقة يستخدمها عقلنا ليخبرنا بأننا خسرنا شيء أو شخص مهم بالنسبة لنا. نصبح حزينين بعد الإنفصال، أو بعد موت أحدهم، عندما نخسر وظيفة ما، وعندما يرفضنا شخص، أو عندما لا يتم دعوتنا لحفل …إلخ.
الحزن هو شعورنا بأننا خسرنا. الحزن - وخصوصًا الحزن بدون سبب- هو فرصة لنتعرف على قيمنا فرصة رائعة حقًا.

أحب أن أتخيل أن الحزن هو دعوة للتحقيق مع الذات، حاول أن تعرف مالذي تشعر بأنك خسرته؟ مالذي كان مهم جدًا بشأن تلك العلاقة والذي جعلك تشعر بتلك الأهمية تجاهها؟ مالشيء الذي جعلك تنزعج بهذا القدر من الكلام الذي وجهه إليك صديقك؟ وأي وتر لمس من أوتار صورتك الذاتيه والذي جعلك تتحسس منه لهذه الدرجة؟

تطوير هذه العادة مهم جدًا لأننا غالبًا ما نحزن ولا نعرف السبب والحقيقة أنه يوجد شيء ما في حياتنا يكون السبب وراءه لكننا لا ندرك ماهو!
الحزن يعني أنه ينقصك شيء ما، لذلك هو مثل النداء لفهم مالذي ينقصنا ومحاولة تعويضه بأي طريقة.

 

الغضب

عندما نكون عرضة لتهديد ما - أي عندما يكون هناك إحتمالية خسارة-. استجابتنا لهذا التهديد سيكون بدخول الجسم في حالة الكر والفر، الكر في هذه الحالة هو الغضب والفر هو الخوف.

الغضب هو شعور يجتاحنا عندما نشعر بتهديد ما ويكون لدينا القوة للاستجابة لهذا التهديد. لنأخذ مثالًا بسيطًا؛ لو أن طفلًا في الثامنة من عمره ضربك برأسك وقال لك سأقتلك - نعم يا له من طفل مزعج- إذا كنت مثلي وحدث لك هذا سوف يفور غضبك، لماذا؟ لأنه طفل! كيف يتجرأ عليك؟ حان الوقت لتأديبه! سوف تكون ردة فعلك الغضب والإنتقام منه.
لكن افرض أن مصارعًا محترفًا ضربك ضربة على رأسك وقال سوف أشقك إلى نصفين، نعم هذا صحيح سوف تموت من الخوف، ثم تهرب راكضًا، راكضًا بعيدًا جدًا.

في حالة الطفل ذو الثمان سنوات شعرت بالقوة، بالقدرة على فعل شيئًا ما، لذلك
تغضب، الغضب يحفزنا على تصحيح الأخطاء بالعالم، لكن في حالة المصارع المحترف سوف يهلكك، لذلك أصبحت خائفًا.

الغضب ليس بالضرورة أن يكون شعور سيء، في الحقيقة يساعدنا الغضب في فعل الكثير من الأمور الصائبة في العالم. لو هدد شخصًا ما سلامتك الجسدية سيساعدك الغضب على منعه من إلحاق الضرر بك، ولو هددك شخص عاطفيًا سيساعدك الغضب على وضع حدود صارمة لكيفية تعامله معك. لو أن هناك شخصًا ما ينتهك القوانين ويؤذي الآخرين سيحفزك الغضب للوقوف في وجهه ومطالبته بالعدل.
لكن ومثل جميع المشاعر، يمكننا إساءة استخدام مشاعر الغضب. لو استجبنا بالغضب على تهديد ما في حياتنا ولم يكن تهديدًا حقيقيًا سوف تؤول الأمور إلى حدوث شيء غير مرغوب به.

قد تشتاظ غضبًا من المحاسب الشاب في مطعم ما لأنه أعطاك ست حبات من الدجاج المقلي عندما طلبت عشر حبات قائلًا له - الا يعلمونكم في المدارس هذه الأيام أي شيء أيها الأطفال؟؟؟-
لكنّ هذا الغضب لو تتبعناه بشكل عميق سيكون في الحقيقة نتيجة شعورك بفقدان السيطرة على حياتك، لكن وبدلًا من أن تحاول السيطرة عليها تقوم بتفريغ غضبك في هذا المراهق المسكين. يميل الأشخاص الذين لا يستطيعون التحكم بغضبهم إلى الشعور بشكل عام  بفقدان السيطرة على جوانب مهمة في حياتهم. لكن بدلًا من محاولة التحكم بحياتهم يغضبون من أتفه الأشياء التي لا تستحق الغضب. لذلك عندما لا تستطيع احتمال أن زوجتك السابقة لا تتحدث إليك، تصب جام غضبك على مراهق يعمل محاسب في عطلة نهاية الأسبوع ليحصل في نهاية الشهر على راتب قليل جدًا.

الطريقة المثلي للتعامل مع الغضب هو الإستفاده منه بتوظيفه لفعل شيء مفيد. إما أن تستخدمه للصراخ على مراهق يعمل في مطعم أخطأ بطلبك، أو أن تغضب فتقوم بنتظيف الكراج.[أنا إذا غضبت أتمرن، وأقوم بحرق سعرات أكثر من التمرين الذي أفعله في الأيام العادية. - المترجم]

يمكن أن تعتقد بأن هذه الفكرة غريبة، لكنها ليست غريبة جدًا، أتذكر أول مرة تم هجري فيها فيها في بداية الأمر شعرت بأنني مجروح وحزين، ثم أحسست بالغضب لكن ولأنني كنت أخاف أن أواجه حبيبتي السابقه بأنني غاضب منها، قررت أن أوظف هذا الغضب بفعل شيء آخر غير مواجهتها، قررت أن أهتم بنفسي حتى أصبح رائع جدًا وحتى تنظر إلى هجرها لي بأنه أسوء قرار اتخذته في حياتها. نعم كانت هذه بداية رغبتي المفاجئة بتطوير ذاتي. بدأت بالذهاب للنادي في الساعة السادسة صباحًا، واجتهدت في الدراسة وتفوقت باختباراتي كلها وقمت بشراء ملابس جديدة واهتممت بنفسي.

الفائدة من هذه الحكاية أنه يمكن استثمار الغضب بشكل مفيد جدًا، كل شيء يدور حول ترجمتك لهذا الغضب في حياتك.


الخوف

الخوف هو عملية - الفر- من استجابة الكر والفر. الخوف هو شعور صحي عندما ينبهنا بوجود تهديد حقيقي أو عندما يقوم بحمايتنا من خطر ما. يبقينا الخوف أيضًا يقظين عندما نكون حول أشخاص يتصرفون بشكل عشوائي أو "خارج عن المألوف" بطريقة ما، أنه من الأفضل تجنب هؤلاء الأشخاص. لكن غالبًا ما يتم توظيف الخوف بشكل خاطىء، نخاف أحيانًا من أشياء لا تشكل تهديدًا حقيقيًا. أحيانًا يكون هناك بقايا خوف من أيام الطفولة والتي تكون مختبئة في داخلنا ونحن بالغين تتحين الفرصة وتفسد علينا بعض الأمور.في بعض الأحيان تكون مخاوفنا خفية للغاية ولا نكاد نلحظ وجودها بالكامل.

نتمسك بعلاقة سيئة لأننا نخاف من أن نصبح وحيدين، ونظل نعمل في وظيفة لا نريدها لأننا نخاف من الاحراج عندما نبدأ من جديد، لا نخبر أفراد عائلتنا أو أصدقائنا بالحقيقة التي يحتاجون إلى سماعها لأننا نخاف أن يغضبوا منّا. يريد الكثير من الناس تخطي هذه الأنواع من المخاوف. لكن لو كنتَ دقيق الملاحظة سوف تلاحظ نمط معين هنا؛ معالجة المشاكل العاطفية لا يكون عن طريق تجنب الشعور بهذه المشاعر بل أن تتكيف مع كل شعور حتى تستفيد منه.

الخوف كالجرس الذي ينبهك بأن هناك لحظات مهمه في حياتك على وشك الحدوث. بشكل عام  نخاف من عدم اليقين و من التغيير في حياتنا. غالبًا أهم الأشياء التي نفعلها في الحياة تولّد شعورًا بعدم اليقين و حدوث التغيير في الحياة. لذلك يرتبط الخوف بالأمور المهمة.
لذلك هناك قاعدة اتخذتها في حياتي، كلما أصبحت خائفًا من شيء أصبح علي فعله سواءً كانت المخاطرة بتجارة ما، بدء محادثه صعبة، تحدي نفسي على فعل شيء أخاف منه جدًا ( مثل الظهور بالتلفزيون أو التحدث أمام آلاف الأشخاص) مقدار الخوف دائمًا يساوي مقدار النتيجة كلما كنت أكثر خوفًا كانت المكافأة المحتملة أكبر.
تعلُّم فعل أشياء تخاف من فعلها مهارة تتطلب الممارسة، غريزتنا ميَّاله إلى الهروب من مصدر الخوف وتجنبه. لكن في الحقيقة لا يذهب الخوف بهذه الطريقة، لا يمكنك أبدًا أن تتوقف عن الخوف، يتم فقط دفنه قسرًا أو صرف التفكير عنه بالملهيات.
سنضطر إلى مواجه خوفنا في يوم ما. يوجد هناك بعض الاستراتجيات لمساعدتك على إدارة خوفك عن طريق مواجهة مخاوفك بدلًا من الهرب منها. لكن سيظل الخوف دائمًا جزء أساسي في حياتنا.


الخجل


الخجل هو الشرطي في عالم المشاعر. في أفضل حالاته يفرض علينا الأعراف الاجتماعية ليمنعنا من فعل أشياء مهينة أو محرجة بشكل فضيع، يمنعنا من إيذاء أنفسنا أو الآخرين ويحافظ بشكل عام على السلام. وفي أسوء حالاته، يقوم بتعنيفنا، بابراحنا ضربًا، ويسلب منا راحة البال والكرامة.


الخجل هو الرادع الاجتماعي، لا تجعل ملابسك تتسخ لأنك ستموت من الخجل، ولا تسرق المال من جدتك لأنك ستموت خجلًآ وندمًا إذا هي عرفت ذلك، الخجل يمنعنا من فعل الكثير من الأشياء الغبية والسيئة.
لكنه مثل الخوف، معظم مشاعر الخجل التي تعتريك تكون وليدة مايدور في عقلك فقط. وكالخوف نكتسب الكثير من مشاعر الخجل غير المنطقية من أيام الطفولة.

لكن على عكس الخوف يتكون شعورنا بالخجل في نطاق اجتماعي بينما الخوف هو شعور على الصعيد الشخصي أي يتولد من مقدار درجة شعورنا بالأمان شخصيًا.
إذا كنّا قد مررنا بحالات رفض اجتماعية لنا أو تم التنمر علينا في مرحلة الطفولة فسوف يكون لدينا خجل شديد في بعض السلوكيات الاجتماعية عندما نكبر.

الخجل في جوهرة هو رفض للذات، أي عندما تقرر بأنك شخص سيء جدًا لأسباب متعدده وأحيانًا هذه الأسباب تكون قوية، لكن عندما يكون سبب شعورك بالخجل تجارب أو تصرفات طبيعية مررت بها ( مثلًا رفض أحدهم إخبارك بالوقت والتاريخ عندما سألته) عندها تكون شخص غير منطقي.

الشيء الغريب في الخجل هو أنه لا يجعلنا نعاقب أنفسنا فقط بل يجعلنا نرجسيين. يميل الأشخاص الذين يشعرون بمشاعر خجل شديدة بامتلاك صورة مشوه عن أنفسهم فهم يعتقدون أن ما قاموا بمعاناته وماحدث لهم قوي ونادر جدًا ولا يستطيع أحد أن يشعر بهم. تتطور لديهم اعتقادات غير منطقية مثل ( لم يتم رفض أي شخص من قبل بموعد غرامي مثلما تم رفضي) هو نوع من أنواع النرجسيه خفي لكنه ضار.
يجعلنا الخجل مهووسين بذاتنا، وأفضل طريقة لردع الخجل هو بالتركيز على مساعدة الآخرين، والطريقة المثلى لعمل ذلك هي من خلال مساعدة الآخرين في النواحي التي نشعر فيها بالخجل. إذا كان هناك بعض الأشياء التي تشعر بالخجل منها فمشاركة  تجاربك مع الناس لن يجعل تجربتك طبيعية فقط بل سيجعل من حولك يشعرون بأن تجاربهم التي يخجلون منها طبيعية أيضًا.

مثلما يُقال أشعة الشمس هي أفضل مطهر، لذلك مشاركة مايشعرنا بالخجل مع الناس وإظهار ضعفنا وأحاسيسنا يجعلنا نحول الخجل إلى قوة وخوفنا إلى طاقة.


الحب

بدأت هذه المقالة بشعور لا يعتبر حقًا من المشاعر وهو السعادة وسأنهي هذه المقالة بشعور لا يعتبر من المشاعر وهو الحب.
أعلم .. أعلم، "الحب ينتصر"، الحب هو علاج جميع أمراض المجتمع وكل ما نحتاج إليه هو الحب. اسمحوا لي أن أفسد عليكم خيالاتكم التي بنيتموها حول الحب حتى هذه اللحظة وسوف أكون أول من يقول لكم هذا: الحب رائع لكن لا يتسطيع الحب حل أي مشكلة.
يقع الناس في الحب دائمًا ثم يعتقدون أن هذا كل ما يجب عليهم فعله لتكون علاقتهم ناجحة. لكن عندما ينفد الحب حينها يدركون أنه لم يكن كافي منذ البداية ثم يبدأون البحث عن الحب - المزيد منه - في مكان آخر.
هذا ليس الحب، هذه هي الرومنسية، والرومانسية تختلف تمامًا عن الحب الحقيقي غير المشروط. الحب هو عندما نشعر بفرحة حقيقة بنجاحات شخصٍ آخر، الحب يكون عندما ننظر لشخص ـ بما في ذلك أنفسنا- ونتمنى بصدق أن تحدث الأمور الطيبة فقط لهذا الشخص في الحياة ونشعر بالفرح عندما يحدث ذلك.

يبدو هذا الكلام رائع، لكن مالا يستطيع فهمه الناس هو أن الحب - أي الحب الحقيقي غير المشروط- فضوي. هو تقدير وجود الشخص في حياتك ليس بغض النظر عن عيوبة، بل بسبب عيوبه. الحب هو أن نحترم وندعم بعضنا البعض دون
توقع مقابلًا لذلك أو الحصول على فائدة شخصية، هو أن تفهم أنه عندما تحب
شخصًا ما لا يعني أنه سيعجبك طوال الوقت أو أن تريد قضاء الوقت كله معه.

يظهر بأن الحب شعور معقد نوعًا ما، لكن الحب هو ما يضفي معنى للحياة. هو ما يمنحنا الإحساس بوجود هدف في حياتنا، هو ما يجعل الحياة تستحق العيش. و  بغض النظر عن تعقيداته، الحب هو ملك جبل المشاعر.



بعض الأفكار التي سنختم بها مقالنا عن المشاعر

قد تكون لاحظت أن القائمة التي ذكرناها تحتوي معضمها مشاعر سلبية، في الحقيقة جميع تلك المشاعر حتى الحب والسعادة تتطلب الكثير من العمل والذي يجعلك تقع في وحل العواطف.
يختلف علماء النفس كثيرًا حول المشاعر، لكنّ هناك شيء واحد لا يختلفون عليه وهو أننا نمتلك مشاعر سلبية أكثر من المشاعر الإيجابية. ونميل أيضًا إلى الشعور بالمشاعر السلبية بعمق أكثر من شعورنا بالمشاعر الإيجابية ونولي السلبية الكثير من الأهمية.
لذلك لست أنا وحدي الشخص السلبي جميعنا سلبيين بشكل ما ويرجع هذا إلى طبيعتنا البيولوجية.
نحن نشعر بالمشاعر السلبية بقوة لأن جنسنا البشري لم يتطور ليكون سعيدًا [ ولا راح يتطور السعادة الحقيقة الدائمة بالجنة إن شاء الله - المترجم ] تطورنا لنبقى على قيد الحياة. ركز أسلافنا جل انتباههم على الأشياء المخيفة والخطيرة لذلك لم يتم أكلهم أو قتلهم عن طريق أشياء مخيفة وخطيرة. لذلك عندما نتحدث عن التطور فالمشاعر السلبية مهمة أكثر لجنسنا البشري من المشاعر التي تجعلنا نغني نرقص ونتقيأ ألوان فرائحية طوال اليوم.

قد تقوم باستنتاج أن هذا المقال يعمل على رسم صورة قاتمة إلى حدٍ ما للحياة لكن عندما نتقبل حقيقة أن المعاناة جزء لا يتجزأ من الحياة - أو حتى أنّ الحياة معاناة- عندها نستطيع أن نبدأ باختيار معاناتنا بشكل أفضل، أن ننظر إلى التجارب السلبية على أنها طوب نبني به حياة أفضل بأنواع أفضل من المعاناة، نستطيع أن ننضج عن طريق الألم أو أن نجد الألم الذي نستمتع به.
السعادة والفرح وحتى الحب لا يعني أن تتخلص من الألم، بل يعني أن تقدّر ألمك بالحصول على أفضل شيء يحتويه، عن طريق تزاوج اللذة والألم والفوز والخسارة والسعادة والإنكسار عندها فقط نستطيع إتقان التحكم بالمشاعر.




تعليقات

المشاركات الشائعة