الشك والحيرة واليأس

 والذي يجعل للإيمان حلاوة هو غيبية الأشياء التي نؤمن بها، فلولا الغيب لما عرفنا لأي درجة يمكن لإنسان ما أن يكون واثقًا بالله.
عندما تحدث المصائب وتتفرد بك نوائب الدهر تفرد ظاهري فقط، تقف في خضم كل هذا وتضع يدك على قلبك أترى؟ تتساءل موجهًا هذا التساؤل إلى قلبك، أترى الخيرة؟ يرد قلبك: لا أستطيع أن أراها لكن الإيمان الذي احتل جزءً كبيرًا مني يخبرني بأنها موجودة طالبًا مني أن أثق به فقط.
وجود الحيرة والشك وعدم اليقين هو ما يجعل فرحتنا قوية عندما تتجلى الخيرة أخيرًا أمامنا في آخر الطريق، أحسنتُ صنعًا نعم أنا أحسنت صنعًا إذ لم أخلد إلى الأرض عندما صفعتني الحيرة بل وقفت أنظر لها وجهًا لوجه قائلة: لن تخدعيني أستطيع أن أرى خلالك إلى الخيرة هناك أراها بقلبي لا بعيني لا بحدث لا بكلمة فقط أراها هناك بإيماني بوجودها.
لولا الحيرة لما ذقت طعم التوكل الحقيقي عندما يكون كل ماحولك بانهيار لكنك ثابت لا تهتز تمسك بحبل التوكل بكل ما اعطيت من قوة أن الله لن يتركني لوحدي أواجه كل هذه الأحداث أن أعلم أنه يسمعني يراني وسيضع الخيرة في نهاية طريقي كما يفعل دائمًا معي سبحانه وتعالى.
كل حيرة في الحياة كل شك كل قنوط وكل بأس هو اختبار لإيمانك، ستزورك هذه المشاعر دائمًآ ستطرق باب روحك تنتظر إما أن يفتح لها قلبك البشري البعيد عن الله فتدخل بيتك وتعيث فيه فسادًا، أو سيفتح لها قلبك القريب من الله الذي يرى مالا تراه قلوب البشر الخالية من الإيمان فينظر في وجه هذه المشاعر مطرقًا، أهلا يا يأس أهلا أيتها الحيرة لم تزوريني منذ مدة لكن اعذريني لا أستطيع دعوتك للدخول فلا أنت أهلًا لتكوني ضيفي ولا أنا قريبٌ من الأرض لدرجة استضافتك. يدخل قلبك للبيت ويجلس بجانب الإيمان مطمئن ساكن رغم كل الحوادث يقول للإيمان تعلم؟ يرد الإيمان أعلم علم اليقين، لن يتركنا الله وسنستمر في خوضها وسنبحث عن النور اليوم وغدًا وكل يوم وعندما يطرق الشك أو الحيرة أو اليأس أو القنوط الباب سنذهب إلى محرابنا نصلي وندعو ثم نفتح لهم الباب ونعتذر عن دخولهم البيت لأن هذا البيت هذا الجسد هذه الروح لا تقبل إلّا التوكل إلّا اليقين لا الشك وستظل تقاوم إلى الأبد الطارقين على بابها مستعينه بهدى الله أن لا يتركها لنفسها على طول الطريق ولن يترك الله روحًا استغاثت به من الضعف الإنساني، استغاثت به من تمكن الحيرة والشك واليأس والقنوط بها روحًا تردد لا حول ولا قوة إلّا بالله.