ميلاد

 ٢٧ عام، يقول زهير بن أبي سلمى: ومن يعش ثمانين حولًا لا أبا لك يسأم

والفكرة الوحيدة التي تعبر خاطري هي ماذا سأشعر به عند الثمانين لو كتب لي أن أحياها؟ كل يوم ميلاد لي يمر يجعلني أعيد التفكير في الحياة بالمجمل، كم هي طويلة؟ أم كم هي قصيرة؟ لماذا أشعر بثقل السبع والعشرين عام لكني أشعر بقصرها أيضًا ومرورها كهشيم تذروه الرياح؟ وكيف كان شعور زهير عندما شدّد على حتمية السأم منها؟
ثم أفكر بالبيت الشهير في بيتنا والذي تردده أمي على مسامعنا دومًا :

وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده
وإن الفتى بعد السفاهةِ يحلم

هل أنا سفيهٌ بعد؟ أم هل بلغت حلم الكبار؟، أم هي الأربعين؟ وإن كنت معظم حياتي عشتها بلا سفاهة -نوعًا ما- فهل سفاهة الشيخ حتمية لمن لم يعش سفه فتوته؟ أم هي الطباع كما جُبلت كما قال شاعر المعرة:

ولتفعل النفس الجميل لأنه
خيرٌ وأفضل لا لأجل ثوابها


هل أعرف كل شيء عن الحياة؟ لا لكنني أجهل ما أجهل عنها ولاتخيفني هذه الفكرة ويجوز لي أن أقتبس هنا دائمًا قول جلال آمين "كان جهلي بمقدار جهلي مفيدًا للغاية"، وأعلم علم اليقين أن أي معرفه أحتاج إليها بهذا العمر فقد منحني الله إياها، وما سواه؟ وماسواه لن أحيط به علمًا، إذًا لا بأس بأن تعش ومعرفتك بالحياة غير مكتملة، فبالنهاية نحن تلاميذ الحياة والحياة لاتنتهي إلّا عند أعتاب الموت.

يتعجب كثير من الناس من شدة تصالحي مع مرور عمري وأتعجب لتعجبهم، هي معرفة الحياة حقيقةً يجعلني أرحب بالكبر بسعة صدر، واتباع الدين فاتباع الدين والمحاولة دائمًا لأن أكون على الصراط المستقيم فيها هو مايجعلني هادئ ساكن في مرورها، أليس هذا الإختبار الذي نحن فيه؟
اعتاد أبي أن يقول لنا دائمًا في أول يوم لنا في إمتحانات آخر الفصل الدراسي بأن الاختبار الحقيقي يوم القيامة.

أعلم أن هذه المدونة تتكلم عن كل شيء لكن عنوانها هو كل شيء العمر هو الحياة هو حياتك أنت، وأنت، أنت حياتك ومجموعة أعمارك ومابينها من أحداث، أنت السلسة التي تربطها جميعًا.

كل عام وأنا بخير

تعليقات

المشاركات الشائعة