كل حزن إشارة
لا يخلق الملهم أبدًا إلا وفيه أعصابه الكهربائية، وله في قلبه الرقيق مواضع مهيأة للاحتراق تنفذ إليها الأشعة الروحانية، وتتساقط منها بالمعاني.
الرافعي | من وحي القلم
ظللت ممتنعة عن الكتابة لوقت طويل، لكنني اليوم أو بالأحرى في هذه الليلة كُتبت لي العودة، حدث ماجعلني أغلي من الغضب، واستخدمت كلمة أغلي لأنها تناسب تماما ماحدث لي، فبينما تحتشد ذرات الغضب في داخلي ليتكون منها إعصار مثلما تجتمع فقاعات الماء الصغيرة مع بعضها البعض لتفور. علمت بأن الغضب في داخلي أكبر من أن أشيح بالنظر عنه، فقررت عمل بعض التمارين رياضية رغم الشد العضلي الذي كنت أشعر به، أردت استخدام تلك الطاقة الهائلة المسمومة وإخراجها من جسدي، لكنني عندما انتهيت وزالت غمامة الغضب أجهشت بالبكاء وعرفت في تلك اللحظة أنه لم يكن قط شعور غضب بل شعور حزن عميق اجتمع في داخلي، حزن أصابني من مشهد أبي المريض-ألبسه الله لباس الصحة والعافية وجميع مرضى المسلمين - الذي شاهدته في مساء ذلك اليوم، المشهد الذي مر من أمامي في لحظته باعتقادي بأنني أقوى من الظروف، حتى أنني كنت أضحكت مع أبي في تلك اللحظة بسلام وكأنني لم أرى ماحدث وعندما انهارت دموعي في تلك الليلة علمت بأنني تأثرت وتأثرت كثيرًا لكنني لم أعلم، لم أعلم بأن الغضب أخرج الحزن العميق جدًا إلى العلن وكأنه بذلك فتح الطريق المسدود في داخلي.
لاتوجد بوصلة في هذه الحياة تساعد سفينة النفس بالرجوع إلى مسارها الصحيح كالدين، كلما شعرت بأنني ضائعة في داخلي عدت إلى الدين لأجدني وأجد هدوئي النفسي من جديد لأجد بوصلتي تشير من جديد إلى الحقيقة، نحن في أمس الحاجة للصلوات الخمس التي تربطنا بالله سبحانه وتعالى، ذاك السجود الذي تنهار معه كل ناطحات سحاب الحزن من على ظهورنا، ذاك الخشوع الذي يحيي السكينة من جديد في قلوبنا الفزعة، بحاجة إلى تلاوة آياته سبحانه تلك الآيات التي تذكرنا باستمرار بأنها حياة دنيا وأن الآخرة هي دار القرار، أن لا نهجر قراءة تلك الآيات لأن الإنسان ينسى بكل سهولة وينغمس في الحياة المرة تلوى الأخرى وينهار في ثانية فقد خُلق ضعيفا.
تعليقات
إرسال تعليق